Digital Corpus for Graeco-Arabic Studies

Aristotle: Historia Animalium (History of Animals)

〈صوت السمك والطير وغيرها〉

ينبغى أن يعلم أن الصوت غير الدوى. والكلام شىء آخر ثالث، غير هذين. فليس يكون الصوت بشىء من الأعضاء، ما خلا الحنجرة. ولذلك كل حيوان ليس له رئة لا يصوت، وإنما الكلام تفصيل الصوت. وذلك التفصيل يكون باللسان. فما كان من حروف الكتاب التى لها أصوات فهو تصوت بالصوت والحنجرة. فأما الحروف التى لا صوت لها فهى تصوت باللسان وكل حيوان ليس له لسان مرسل لا يصوت ولا يتكلم.وإنما يكون دوى الحيوان بالدوى الذى فى باطن جسده، وليس بالروح الذى 〈هو〉 خارج منه، لأنه لا يتنفس شىء من هذا الصنف، بل من هذا الصنف ما يكون منه دوى فقط مثل النحل وكل ما يشبهه، ومنه ما يصوت صوتاً لذيذاً مثل الحيوان الصغير الذى يشبه الجراد، وهو الذى يصر بالليل. ودوى ما ذكرنا وصريره يكون بالصفاق تحت الحجاب فى مكان قطع جسده باثنتين، مثل الذباب والنحل وكل ما كان يشبهه، فإنه إنما يكون له دوى من قبل طيرانه وبسط وقبض جناحيه، لأن ذلك الدوى إنما هو ذلك الهواء الذى يقع فيما بين الجناحين والجسد. وكذلك يفعل الجراد أيضاً.

〈أصوات السمك〉

فأما الحيوان الذى يسمى مالاقيا فليس يصوت، ولا يكون منه دوى ألبتة، ولا شىء من [هذا] الحيوان البحرى اللين الخزف crustacés. فأما أصناف السمك فليس يصوت من قبل أنه ليس لها رئة ولا حنجرة ولا العرق الخشن (= القصبة الهوائية). وقد زعموا أن بعضها يصر ويصوت، مثل الذى يسمى باليونانية لورا λυρα وخروميس Χρομισ والخنزير البرى الذى يكون فى البلدة التى تسمى اخلوس يفعل مثل ذلك، وأيضاً الحيوان الذى يسمى باليونانية خلقيس Χαλκισ وكوككس κοκυξ فجميع ما ذكرنا يصوت فيما يظن، وبعضها يفعل ذلك بتلك الآذان (= الخياشيم)؛ لأن تلك الأماكن شبيهة بالشوك، وبعضها يصوت بالروح الذى فى باطن جسده فيما يلى البطن، فإن فى جوف جميعها روحاً، فإذا دلكته وحركته كان منه دوى. وبعض الحيوان البحرى الذى يسمى باليونانية [١٠٦] سلاشى يصر، فيما يظن عنه، وليس لها صوت بين، بل شبيه بصرير، مثل الحيوان الذى يسمى مشط κτενεσ، فإنه يتحرك وهو متوكىء على الماء ويصر؛ وخطاف البحر يفعل مثل ذلك إذا ارتفع عن الماء وطار لأن له أجنحة عراضاً صغاراً، فهو يفعل مثل ما يفعل الطير بجناحه إذا طار. وليس لشىء مما وصفنا صوت.

فأما الدلفين فإنه يصر. فإذا خرج إلى الهواء لم يفعل كفعل غيره مما وصفنا. وصريره شبيه بصوت لأن له رئةً والعرق الخشن (= القصبة الهوائية) ولكن ليس لسانه بمرسل ولا شفتاه موافقتين لتفصيل الصوت.

〈أصوات ذوات الأربع التى تبيض〉

فأما الحيوان الذى له لسان ورئة وله أربع أرجل فإنه يصوت صوتاً ضعيفاً جداً. فأما ما كان منه يبيض، فإنه يصفر مثل الحيات، ومنها ما يصوت صوتاً دقيقاً ضعيفاً جداً مثل السلحفاة. فأما الضفدع فله لسان خاص لأن مقدم لسانه لاصق بفيه، مثل ألسن السمك. وهذا الطرف فى غيره من الحيوان مرسل. فأما ما يلى من لسانه فهو مرسل، كأنه شىء مطوى فى ذلك المكان. ومن أجل هذه العلة للضفدع صوت خاص ونقيق؛ وإنما يفعل ذلك إذا كان فى الماء فقط، ولا سيما ذكورة الضفادع تفعل ذلك إذا كان زمان السفاد فدعت الإناث إلى السفاد بأصوات معروفة. وينبغى أن يعلم أن لجميع الحيوان أصواتاً خاصة يدعو بها بعضها بعضاً عند السفاد، مثلما يفعل التيوس والخنازير والكباش. وأما الضفادع فإنها تكثر من التصويت إذا صيرت الفك الأسفل مستوياً بالماء، ومدت الفك الأعلى، ومن امتداد فكيها تضىء عيونها وتكون مثل سرج تسرج. وسفادها يكون ليلاً مراراً شتى.

〈أصوات الطيور〉

فأما أصناف الطير فهى تصوت؛ وما كان منها عريض اللسان عرضاً يسيراً فهو يتكلم كلاماً؛ وما كان منها دقيق اللسان أيضاً. ومن أصناف الطير ما يصوت صوتاً واحداً ملائماً بعضه لبعض إن كان ذكراً وإن كان أنثى. وبعض أجناسها مختلفة الأصوات، من قبل أن أصوات الذكورة مخالفة لأصوات الإناث. وما كان من الطير صغير الجثة فهو أكثر كلاماً وتصويتاً من العظيم [١٠٧] الجثة، ولا سيما فى أوان السفاد: فإن تصويت كل طير يكثر فى ذلك الزمان. ومنه ما يصوت ويصخب مثل الدراج، ومنها ما يدعو الأنثى قبل الصخب، 〈مثل الحجل perdrix〉، أو يدعو بعد القتال والقهر مثلما تفعل الديوك. ومنها ما يصوت صوتاً لذيذاً إن كان ذكراً وإن كانت أنثى مثل الطير الذى يسمى باليونانية ايدون αηδων فإن الأنثى تصوت مثل تصويت الذكر، فإذا جلست على البيض والفراخ كفت عن التصويت. ومن أصناف الطير أصناف ذكورتها تكثر التصويت، فأما الإناث فلا، مثل الديوك وذكورة الدراج.

〈أصوات ذوات الأربع التى تلد حيواناً〉

وأما الحيوان الذى يلد حيواناً وله أربع أرجل فلكل واحد منها صوت مخالف، وليس ينطق شىء منها، لأن الكلام خاص للإنسان فقط؛ ولكل ناطق صوت أيضاً، وليس ينطق كل ما له صوت. فأما الذين يكونون صماً من ولادهم فهم أيضاً خرس، ولهم صوت وليس لهم كلام مفصل ألبتة. فأما الصبيان فليس يضبطون ألسنتهم، كما لا يضبطون شيئاً آخر من أعضائهم فى صباهم، ولذلك يقال إنهم نقص ليس لهم شىء من الكمال حتى يستولى. ومن الصبيان من لا يقوى لسانه إلا بعد زمان كثير؛ ومنهم من يكون ألثغ، أو تعرض له ضرورة أخرى.

والصوت والكلام مختلف بعدد البلدان والأماكن. واختلاف الصوت يكون بالثقل والحدة؛ وأما بالصنف فليس يختلف شىء من صوت الحيوان المنسوب إلى جنس واحد. وربما كان الصنف الواحد من الحيوان مختلف التصويت، مثل الحجل: فإن بعضها ينقنق، وبعضها يصر. وبعض الفراخ الصغار من فراخ الطير لا يصوت بصوت الذى ولد، إن لم يشب ويغذى وهو معه، لأنه يتشبه بأصوات أخرى من أصوات الطير الذى يسمع. وقد ظهر مرةً الطير الذى يسمى باليونانية ايدون αηδων يعلم فرخ طير آخر، وذلك دليل على أن شكل الصوت ليس بمطبوع ولا المنطق، بل يمكن أن يكون الصوت والمنطق بقدر تعليم المعلمين. وأصوات الناس متشابهة، فأما النطق فمختلف ليس بمتفق. فأما الفيل فهو يصوت بفيه بغير منخره [١٠٨] وتصويته يكون مع ريح كثير، مثل الإنسان إذا أخرج النفس من جوفه بصوت جهير؛ فأما إذا صوت من ناحية منخره فصوته يكون مثل زمارة خشنة خفيفة.