Digital Corpus for Graeco-Arabic Studies

Galen: In Hippocratis Epidemiarum librum I (On Hippocrates' Epidemics I)

‌والربع» فنراهما عياناً يقلعان حتّى ينقّى البدن منهما. وأمّا الحمّى «المجانبة للغبّ» فمنهم ⟨من⟩ يعدّها في الصنفين جميعاً، ومنهم من يعدّها في أحد الصنفين فقط، وهو صنف الحمّيات التي تقلع. وإن تفكّرتَ في أنّه كما أنّ الحمّى التي تنوب في كلّ يوم منها، كما قلت، منها ما يقلع ومنها ما ينقص من غير أن يقلع، كذلك أيضاً الحمّى التي «تنوب في اليوم الثالث» هي صنفان، علمتَ علماً يقيناً أنّ هذا الاختلاف وهذه المطالبة ليست في نفس المعنى، لكنّ فيما يدلّ عليه الاسم، أعني قولنا «مجانبة للغبّ».

وأمّا الحمّيات التي «تنوب في اليوم الرابع» فقد يعلم أنّها تقلع حتّى ينقّى منها البدن في أكثر الأمر، ولا نكاد نرى أحداً ممّن تنوب حمّاه في الرابع لا تقلع عنه حمّاه. وليس الحال كذلك في الحمّيات التي «تنوب في الثالث»، لكنّك تراها كثيراً ما تقلع وكثيراً ما لا تقلع. والاختلاف والمطالبة في هذه، كما قلت، ليس هو في المعنى، لكنّه في الاسم وما يدلّ عليه، أعني أيّ هذه الحمّيات ينبغي أن تسمّى «غبّاً»، وأيّهما ينبغي أن تسمّى «مجانبة للغبّ»، وأيّهما ينبغي أن تسمّى «شبيهة بالغبّ».

وأمّا أمر الحمّى التي «تنوب في الخامس أو في السابع أو في التاسع» فليس الاختلاف والمطالبة فيها في الاسم وما يدلّ عليه الاسم، لكنّه في نفس المعنى. وذلك أنّ قوماً من الأطبّاء يقولون إنّهم لم يروا قطّ نُوَب حمّى جاوزت الرابع، وقوم يقولون إنّهم قد رأوا ذلك، كما قال أبقراط.

وقد تفقّدت منذ حداثتي إلى هذه الغاية فما رأيت بتّة حمّى «دارت في السابع» ولا في «التاسع»، لا رؤية بيّنة ولا خفيّة مشكوك فيها. وأمّا حمّى «دارت في الخامس» فقد رأيت، إلّا أنّها دورة خفيّة مشكوك فيها، لا رؤية صحيحة بيّنة مثل ما قد نرى دور الحمّى النائبة في كلّ يوم والنائبة غبّاً وربعاً. ولست أرى أنّه يحتاج في هذا الباب إلى برهان قياسيّ، إذ كان إخباره يكون بالتجربة. وذلك أنّه إن رأى رؤية صحيحة حمّى قد دارت أدواراً كثيرة في «اليوم السابع» أو في «لتاسع»، فإنّه ليس يكتفي بأن تكون إنّما نابت مرّتين أو ثلاثاً فقط، فصحّ عند ذلك الإنسان أنّه قد يكون من الحمّى ما يدور هذه الأدوار. فإن لبث الإنسان منذ حداثته إلى شيخوخته، وهو يعود المرضى المحمومين ويتفقّد أدوار حمّياتهم حتّى يكون قد رآهم عدداً كثيراً جدّاً، فلم ير من «دارت عليه الحمّى في السابع» أو «في التاسع»، فقد صحّ له أيضاً أنّه ليس تكون حمّى تدور هذه الأدوار.

وأمّا أبقراط خاصّة فلمحتجّ أن يحتجّ عليه بحجّة قياسيّة، كما احتجّ ديقليس، وذلك أنّه «لا تقدر أن تقول من أيّ العناصر‌