Digital Corpus for Graeco-Arabic Studies

Galen: In Hippocratis Epidemiarum librum I (On Hippocrates' Epidemics I)

‌وذلك أنّهم يعدّون الحمّى المجانبة للغبّ في الحمّيات المفارقة. وإذا كانت كذلك، كانت لا خطر فيها، وأبقراط يقول إنّها قتّالة.

فالأجود أن يستخفّ بالأسماء، كما قلت، ويقصد للرياضة في تعرّف كلّ واحد من الحمّيات وتقدمة المعرفة بها وعلاجها. ولمّا كان التعليم الذي يكون بالأسماء أبين وأوجز، فإنّي أتقدّم فأصف بالقول أصناف الحمّيات التي تنوب في اليوم الثالث وأحدّدها على ما فعلت قبيل، وأسمّي كلّ واحدة منها باسم خاصّ، كما قد عادتي أن أفعل دائماً.

وإذ قد لخّصت أصناف الحمّيات التي تنوب في اليوم الثالث، فإنّي أتبع ذلك بأن أقول إنّ اسم الحمّى التي تنقضي نوبتها في اثني عشرة ساعة أو قبل ذلك «غبّاً خالصة»، فيكون كلامنا فيها وجيزاً. وأمّا الحمّى التي نوبتها أطول من نوبة هذه، إلّا أنّ وقت سكونها على حال وإقلاعها أطول من وقت أحدهما، فإنّي أسمّيها «حمّى غبّ بقول مطلق». وأمّا الحمّى التي نوبتها طويلة جدّاً ووقت مفارقتها يسير فإنّي أسمّيها «الحمّى الغبّ الطويلة». وأمّا الحمّى التي لا تقلع، وتكون فيها في اليوم الأوّل العودات الاقشعراريّة التي وصفنا وفي اليوم الثاني نوبة أخرى مستوية، فإنّي أسمّيها «الغبّ» «وشطر الغبّ». فأمّا الحمّى التي لا تقلع وتنوب غبّاً من غير أن تكون فيها هذه الأعراض التي وصفنا أنّها تكون في المجانبة للغبّ فإنّي أسمّيها «الشبيهة بالغبّ».

فقد لخّصت لك في هذا القول جميع ما يحتاج إليه في هذا الباب، فميّزت بين ما يحتاج إليه وبين ما لا يحتاج. وبقي عليك أن تحفظ عنّي ويكون حاضراً لذكرك دائماً. فإنّك إن فعلتَ ذلك، انكشف لك عورات الحدث من الأطبّاء في كثرة تميّزهم وعنائهم في هذه الأسماء التي ذكرتها، وهم يرون في أنفسهم مع ذلك إنّما هو في المعاني لا في الأسماء.

وقد بيّنت أنّ أبقراط ليس يسمّي شيئاً من الحمّيات التي تقلع «مجانبة للغبّ». فأمّا الأمر في غير ذلك من حالها عنده فيحتاج فيه إلى نظر، أعني هل إنّما يسمّي «بالمجانبة للغبّ» تلك الحمّى خاصّة فقط التي من عادتي أن أسمّيها بهذا الاسم، وهي التي تكون فيها العودات الاقشعراريّة، أو هل يسمّي بهذا الاسم أيضاً الحمّى التي تساويها في سائر الحالات، ما خلا أنّه لا تكون فيها تلك العودات الاقشعراريّة. وذلك أنّه قد قال إنّ هذه الحمّى من عادتها أن تعرض لأصحاب «السلّ» ولغيرهم ممّن «يطول مرضه»، فخليق أن يكون بحسب هذا، وإن كانت هذه الحمّى تكون من غير اقشعرار، قد يسمّيها «مجانبة للغبّ»، إذ كانت لها في اليوم الثاني‌