Digital Corpus for Graeco-Arabic Studies

Galen: In Hippocratis Epidemiarum librum I (On Hippocrates' Epidemics I)

‌ولم يبل أصلاً. ثمّ إنّه في اليوم الثامن عرق بدنه كلّه عرقاً بارداً، وخرجت فيه بعد العرق آثار حمر مستديرة صغار ناتئة بمنزلة البثور التي تخرج في الوجه، وكانت تبقى فلا تسكن. وخرج منه بتهييج يسير براز رقيق كأنّه غير منهضم كثير مع ألم، وبال بوجع بولاً لذّاعاً. وما كانت أطرافه تكاد تسخن إلّا سخونة يسيرة، وكان نومه نوماً خفيفاً سباتيّاً، وبقي على سكاته، وكان بوله رقيقاً ذا مستشفّ. ثمّ كانت حاله في التاسع شبيهة بتلك الحال. ثمّ صار في العاشر لا يقبل الشرب، وحدث له سبات ونوم خفيف. وخرج منه شبيه بالبراز الأوّل، وبال بولاً كثيراً دفعة إلى الثخن، وكان إذا لبث رسب فيه ثفل شبيه بسويق الجريش أبيض، وبردت أيضاً أطرافه. فلمّا كان في الحادي عشر مات. وكان نفس هذا منذ أوّل مرضه إلى آخره نفساً متفاوتاً عظيماً، وكان به فيما دون الشراسيف اختلاج دائم. وكانت سنّه نحو العشرين.

قال جالينوس: إنّ أبقراط ذكر في صفة هذا المريض «سنّه»، ولم يذكر ذلك في صفة المريض الأوّل.

وما حدث من موت المريض الأوّل في اليوم السادس قد كان واجباً إن كانت ظهرت فيه في المرض الحادّ الذي أصابه أعراض قتّالة ودلائل دالّة على الهلاك الأوّلَ منذ أوّل مرضه ودامت واتّصلت. وأمّا هذا المريض فإنّه وإن كانت حاله قد كانت شبيهة بحال المريض الأوّل منذ أوّل مرضه، لكنّه قد بقي إلى اليوم «الحادي عشر» بفضل قوّة كانت فيه. وقد دلّ على ذلك أبقراط بذكر «سنّه»، ويجوز أن يكون قد كان فضل تلك القوّة فيه من وجوه أخر.

وذكر أبقراط بتركه السنّ في اقتصاصه حال المريض الأوّل، وهو فيلسقس، أنّ ذلك الرجل قد كانت سنّه السنّ التي قد تجاوزت المقدار من السنّ التي تكون منها القوّة قويّة. ولو أنّ مريضاً آخر ظهر فيه منذ أوّل مرضه من الأعراض والدلائل ما ظهر في هذا المريض، ثمّ لم تكن قوّته بالقويّة، لكان سيموت في اليوم السابع.

وقد كان هذا المريض أيضاً شارف الموت في اليوم السابع، ويدلّك على ذلك قول أبقراط: «إنّه لمّا كان اليوم السابع أسكت، وكانت أطرافه لا تسخن بتّة، ولم يبل أصلاً». فقد دلّك هذا على أنّه قد كان أشرف على الموت، لكنّه لمّا كانت قوّته قويّة، قوي على احتمال المرض إلى يوم البحران الذي بعد السابع، وهو «الحادي عشر».

وإلّا فإنّ المريض بحسب ما كان ظهر فيه في اليوم «الثالث والرابع» من الدلائل والأعراض التي هي في غاية الرداءة قد كان يجب أن يموت في السابع، إذ كانت نوائب مرضه في الأيّام الأفراد أزيد. وقد دلّ على ذلك أبقراط بقوله: «فلمّا كان في اليوم الثالث هاج واشتدّ به كلّ ما كان به»، ثمّ قال بعد هذا: «وكان في الرابع على شبيه بتلك الحال».

فلمّا قوي، كما قلت، على احتمال مرضه إلى أن جاوز السابع بفضل قوّة،‌