Digital Corpus for Graeco-Arabic Studies

Aristotle: Topica (Topics)

〈وضوح الحجة. — فساد الحجة〉

والقول الصادق إنما هو فى نحو واحد، وهو الذى فى غاية العموم، متى كان قد تنتج تنتجا لا يحتاج معه إلى زيادة فى السؤال. — وأيضا فأن يكون قد قيل على أفضل ما يتهيأ بأن يوجد فى تبيينه الأشياء التى يحصل عنها ضرورةً، وأن يكون أيضا منتجا من النتائج. — وأن يكون مع ذلك عادما للشىء الذى هو محمود فى الغاية.

فأما القول الكاذب فقد يكون على أربعة أضرب: فأحد الضروب أن يظهر من أمره أنه منتج وليس كذلك — ويدعى قياسا مرائيا. — والضرب الثانى متى كان منتجا إلا أنه لا ينتج الأمر الموضوع بدءا، بمنزلة ما يعرض للذين يبينون الشىء بطريق الخلف. — أو يكون منتجا للأمر الموضوع بدءا إلا أنه بغير الطريق الصناعى، وأعنى بذلك متى كانت الطريق غير طبية فتوهم أنها طبية أو هندسية أو جدلية — كان الأمر التابع صادقا أو كاذبا. — والضرب الثالث متى كان منتجا من أشياء كاذبة، فإن النتيجة عند ذلك تكون فى وقت كاذبة، وفى وقت صادقة، لأن الكذب ينتج دائما من الأشياء الكاذبة؛ وأما الصدق فقد يمكن أن ينتج من أشياء ليست صادقة كما قلنا فيما سلف.

فأما القول الكاذب فإن الخطأ فيه لاحق بالقائل له دون القول فى نفسه، إلا أنه ليس لاحقاً بالقائل له دائما، وإنما هو لاحق فى حال غلطة وسهوه: فقد نجد ما يتقبل بذاته أكثر من تقبلنا كثيرا من الأقاويل الصادقة متى كان إنما يبطل من الأشياء التى يظن بها أنها محمودة فى الغاية بحسب الإمكان شيئا من الأشياء الصادقة. وذلك أن القول إذا كان بهذه الحال فإن البرهان إنما هو لأشياء أخر صادقة، لأنه ينبغى أن تكون بعض الأشياء الموضوعة غير موجود ألبتة ليكون القول إنما هو برهان على هذا البعض. فإن القول إن كان ينتج نتيجة صادقة من أشياء كاذبة فى غاية الخساسة، كانت النتيجة أخس كثيرا من أشياء كثيرة تنتج نتيجة كاذبة. وهذه أيضا بعينها حال القول الذى ينتج نتيجة كاذبة. — فمعلوم إذن أن الفحص الأول عن القول: هل هو بذاته منتج؟ والفحص الثانى: هل هو صادق أم هو كاذب؟ والفحص الثالث: من أى الأشياء يأتلف؟ — وذاك أنه إن كان من أشياء كاذبة، إلا أنها محمودة، فهو منطقى. وإن كان من الأشياء التى هى الموجودة، إلا أنها غير محمودة، فهو خسيس. وإن كان من أشياء كاذبة، وكانت مع ذلك غير محمودة أصلا، فمعلوم أنه خسيس إما على الإطلاق وإما من نفس الأمر.