Digital Corpus for Graeco-Arabic Studies

al-Ruhāwī: K. Adab al-ṭabīb (Practical Ethics of the Physician)

Bürgel 1992

القول فى الأعراض النفسانية

ومن الواجب على الطبيب أيضا أن يعلم ما الأعراض النفسانية، وكم أصنافها، وعماذا تحدث فى كل صنف منها. فإنه، إن لم يعلم ذلك، لم يقدر على حفظ الطبيعى منها، ولا على نفى ما ليس بطبيعى. وقبل جميع ذلك، يجب أن يعلم أن للإنسان قوة يميز بها ويفكر، وقوة أخرى يغضب بها ويحرد، وقوة ثالثة يشتهى بها، ويشتاق إلى اللذات، وأن هذه الثلاث قوى بها يتم للإنسان حركاته وأفعاله. والقدماء يسمونها قوى نفسانية، لأنهم وجدوا الأخلاق، والعوارض النفسانية، أنواعا لهذه الثلاثة الأجناس من قوى النفس.

وأيضا ينبغى أن يعلم ما الذى يريد القدماء بقولهم «عارض». ولأن جالينوس قد شرح ذلك، وبينه، فيجب أن أحكى قوله بلفظه. قال جالينوس: إنه متى مادامت نفس الإنسان باقية على حالها، فتلك الحالة لها كالسكون والهدوء. فإن تغيرت حالها، توهمنا ذلك التغير كالحركة لها. ولأن الحركة منها ما يكون من نفس المتحرك، ومنها من قبل غيره، سمينا الحركة التى تكون من نفس المتحرك فعلا، وسمينا الحركة التى تلحقه من قبل غيره عارضا. والمثال فى ذلك أنه، إن أخذ 〈إنسان〉 شيئا، فنقله من موضعه إلى موضع آخر، كانت حركة اليد فعلا لذلك الإنسان وليده، وكانت حركة الشئ عارضا للشئ. وهذا حكم الفعل والعارض فى حركة المكان. وأما فى التغير، فإنه متى سخن بدن إنسان، من نار، أو من حر الشمس، كانت السخونة عارضة للبدن، والإسخان فعل الشئ الذى أسخن.

ولما قدر الخالق تعالى لمصلحة بدن الإنسان من هذه القوى، ومن أفعالها، مقدارا ما، وجب أن يكون ذلك المقدار هو الطبيعى لذلك الإنسان، وما نقص عنه، أو زاد عليه، فهو غير طبيعى. ولذلك يكون الطبيعى صحة لتلك القوة، ولذلك الجسم، والغير طبيعى مرضا لهما. ولأن النفسين البهيميتين اللتين فى الإنسان كثيرا ما تضران بالنفس الناطقة، وخاصة الشهوانية منهما، لأجل اللذة المقرونة بها، فلذلك وجب أن يكون للذة وقت محدود، وقدر معتدل. ومتى جاوزت ذلك المقدار، ضرت، وأمرضت. ولذلك صارت النفس العاقلة هى المصلحة لهذا الفساد، بتقديرها، وتحديدها أوقات للفعل، ومقاديره. وإذا كان الأمر كذلك، فيجب أن يعلم فعل كل نفس من هذه الأنفس، على الانفراد أولا، بغير معونة من النفسين الأخرايين، ثم ما تفعله بمعونة. فالنفس الناطقة، فعلها على الانفراد هو وجود اتفاق الأشياء، واختلافها. ومثال ذلك أنها، إذا سمعت قولين، وقفت على ائتلافهما من اختلافهما،

Work

Title: al-Ruhāwī: K. Adab al-ṭabīb
English: Practical Ethics of the Physician
Original: كتاب أدب الطبيب

Domains: Medicine, Ethics, Pharmacology

Text information

Type: Secondary

Date: between 880 and 930

Bibliographic information

Publication type: Unpublished

Author/Editor: Bürgel, J. Christoph

Title: Kitāb adab al-ṭabīb taʾlīf Isḥāq ibn ʿAlī al-Ruhāwī

Published: 1992