Digital Corpus for Graeco-Arabic Studies

al-Ruhāwī: K. Adab al-ṭabīb (Practical Ethics of the Physician)

Bürgel 1992

الباب الثامن عشر فى التحذير من خدع المحتالين الذين يتسمون باسم الطب والفرق بين خدعهم والحيل الطبية

ليس غرضى فى هذا الباب، أيها الحبيب، ذم الحيلة على الإطلاق، إذ كان معنى هذا الاسم إنما تلطف الإنسان بلطيف فطنة العقل فى إصابة ما بعد، واعتاص عن عرضه. وبهذا المعنى، أعنى طريق الحيلة، قدر الإنسان أن يستخرج دقيق العلوم والصنائع، لأن الموجودات لم يكشفها البارئ تبارك بأسرها للإنسان، لئلا تسقط عن الناس كلفة النظر والبحوث، ويذهب تفاضلهم بمعرفة العلوم والمهن، فتسقط المراتب والرئاسات بذلك. وهذا هو سلب نوع الإنسان ما به 〈من〉 شرف، وعدم حكمته التى بها فضل على أنواع الحيوان.

فلذلك جعل الله تعالى بعض الأمور ظاهرة جلية، وبعضها خفية، ليتوصل 〈الإنسان〉 بلطيف حيلة العقل، وتدقيق ذهنه، من الأمور الظاهرة، إلى معرفة الأمور الباطنة. كالذى فعله أصحاب الرياضات، فإن المهندسين إنما علموا أن الثلاث زوايا من كل مثلث مساوية لقائمتين، من المصادرات التى قدمها اقليدس فى أول كتابه فى الأصول التى علمها ظاهر عندهم. ومن ذلك ترقوا إلى علم حالات المقادير بأسرها، والسطوح، والأجسام، وبذلك أمكنهم مساحتها، ومن ذلك ترقوا إلى علم مقادير الأقاليم، ومساحة جملة الأرض، ثم الأفلاك، وبذلك علموا مواضع ما تهيأ لهم رصده من الكواكب، وحركاتها، وأبعادها.

وهذا الطريق سلك أصحاب علم الحساب فى استخراج الجذور، وغيرها. كذلك جرى أمر أصحاب علم النجوم، فإنهم قفوا آثار الأمور الطبيعية فى كثير من أمورهم، واستعملوا التشبيه، والمماثلة، والحدس، جميع ذلك قصد العلم الخفى بالظاهر.

وأما أصحاب المهن، فأمرهم فى استعمال الحيل لاستخراج محاسنها ظاهر، حتى أن أكثر الناس يعجبون مما يعمله أصحاب الحركات والخيالات، وما يظهره أصحاب السحر من العجائب التى تدهش كثيرا من الناس، لاستتار أسبابها وعللها عنهم، حتى أن قوما منهم يظنون أن الجن

Work

Title: al-Ruhāwī: K. Adab al-ṭabīb
English: Practical Ethics of the Physician
Original: كتاب أدب الطبيب

Domains: Medicine, Ethics, Pharmacology

Text information

Type: Secondary

Date: between 880 and 930

Bibliographic information

Publication type: Unpublished

Author/Editor: Bürgel, J. Christoph

Title: Kitāb adab al-ṭabīb taʾlīf Isḥāq ibn ʿAlī al-Ruhāwī

Published: 1992