Digital Corpus for Graeco-Arabic Studies

Galen: Ars Medica (The Art of Medicine)

ونكتفي أن أذكر لك أمر العينين فقط، فأقول: إنّه متى كانت العينان إذا لمستهما، وجدتهما حارّتين، وكانت حركتهما سريعة، كثيرة، وكانت العروق فيها غليظة، واسعة، فإنّهما حارّتان.

ومتى كانتا على خلاف ذلك، فهما باردتان. ومتى كانت العينان مملوءتين رطوبة، فهما رطبتان. ومتى كانتا جافّتين، صلبتين، فهما يابستان، وتسرع إليهما الآفة من الأسباب التي مزاجها شبيه بمزاجهما، وينتفعان من الأسباب المضادّة لهما في المزاج، إذا استعملت استعمالاً معتدلاً.

فقد ينبغي أن تحفظ هذا، وتتّخذه أصلاً عامّاً في الاستدلال على كلّ مزاج في كلّ عضو.

فأمّا عظم العينين، فمتى كان مع مشاكلة، وفضيلة من أفعالهما، فيدلّ على أنّ المادّة التي خلقت العينان منها كثيرة، معتدلة. فإن كان عظم العينين من غير الخلّتين اللتين وصفنا، فإنّه يدلّ على أنّ تلك المادّة كثيرة، إلّا أنّها ليست بمعتدلة.

فأمّا صغر العينين، فإن كان مع مشاكلة، وفضيلة من فعلهما، فإنّه يدلّ على أنّ المادّة التي كانت منها قليلة، إلّا أنّها معتدلة. وإن كان مع سوء مشاكلة، ورداءة من فعلهما، دلّ على أنّ ذلك الجوهر الذي خلقت منه قليل، رديء.

وأمّا أمر لون العينين، فبهذا الطريق ينبغي أن يحدّد، فأقول:

إن الزرقة تغلب على العينين من كثرة نور صاف ينبعث في رطوبة صافية، غير كدرة. وإنّ السواد يغلب على العينين بخلاف ذلك. فأمّا المتوسّط بين السواد والزرقة فيكون بالأسباب المتوسّطة.

والزرقة تغلب على العين إمّا لعظم الرطوبة الجليديّة، وإمّا لصفائها، وإمّا لأنّ موضعها بارز، وإمّا لقلّة الرطوبة الرقيقة المائيّة التي في موضع الحدقة، وصفائها. ومتى اجتمعت هذه الأسباب كلّها، كانت العين في غاية الزرقة. وإن كان بعضها موجوداً، وبعضها غير موجود، كانت الزيادة، والنقصان في الزرقة على حسب ذلك.

وأمّا الكحلة فتغلب على العين إمّا لصغر الرطوبة الجليديّة، وإمّا لأنّ موضعها موضع غائر، وإمّا لأنّها ليست بالصافية، ولا بالمنيرة، وإمّا لأنّ الرطوبة الرقيقة التي في الحدقة أكثر ممّا ينبغي، وليست بصافية، وإمّا لاجتماع أسباب من هذه الأسباب، وإمّا لاجتماعها كلّها.

وزيادة الكحلة، ونقصانها يكون على حسب ما قلناه قبل في الزرقة.

والرطوبة الرقيقة التي في الحدقة إذا كانت أرقّ، وأكثر ممّا ينبغي، رأيت العين أرطب ممّا ينبغي. وكذلك إذا كانت تلك الرطوبة أغلظ، وأقلّ ممّا ينبغي، كانت العين أجفّ.

فأمّا الرطوبة الجليديّة، فإن كانت أصلب ممّا ينبغي، فإنّها تصيّر العين أجفّ. وإن كانت ألين ممّا ينبغي، جعلت العين أرطب. وكذلك أيضاً، إن فضلت على الرطوبة الرقيقة حتّى لا تعادلها، جعلت العين أجفّ. وإن نقصت عنها، جعلت العين بخلاف ذلك.