Digital Corpus for Graeco-Arabic Studies

Aristotle: De Sophisticis Elenchis (On Sophistical Refutations)

〈رد الأغاليط إلى تجاهل الرد〉

وقسمتنا القياسات المظنونة والتبكيت إما أن يكون على هذا النحو، أو بأن ترفع جميعا إلى الجهل بالتبكيت، ويجعل هذا مبدءا لذلك. ولنا أيضا أن ندخل جميع هذه الأنحاء التى ذكرت فى حد التبكيت. — أما أولا فإنهم إن كان فيها تأليف فيجب أن تلزم النتيجة عن المقدمات الموضوعة حتى نقول إنها موجودة من الاضطرار، لا أنها مظنونة. وينظر بعد ذلك بحسب أجزاء الحد، فأما التى توجد فى القول فهى التى توجد له من حيث تقال على نحوين — مثال ذلك اشتراك الاسم والكلمة والاشتراك فى الشكل، وذلك أن من شأن الكل أن يصير كالدال على مثل هذا. والتركيب والقسمة والتعجيم تحدث إذا لم تكن دلالة الكلمة أو الاسم واحدة بعينها أو كانا مختلفين.

والذى يجب فى هذا أن تكون حاله كحال الأمر بعينها إن كان التبكيت والقياس مما من شأنه أن يوجد — مثال ذلك، إن كان الذى قيل ثوبا فلا يقول عند التأليف قميصا، بل «ثوب» — على أن القول الآخر حق، إلا أنه ليس يكون منه تأليف: بل يحتاج أيضا الذى يبحث عن السبب إلى المسألة: هل الذى يدلان عليه واحد بعينه؟

فأما التى من العرض فإنها تكون معلومة عند تحديد القياس. وذلك أن حد القياس بعينه يجب أن يكون حد التبكيت، بل يضاف إليه ذكر التناقض من قبل أن التبكيت هو قياس على النقيض. فليس قياس بالعرض إذن هو الذى عنه يكون التبكيت، وذلك أنه ليس إذا كانت هذه موجودة فمن الاضطرار أن يكون ذاك موجودا؛ وهذا هو أبيض، فمن الاضطرار أن يكون أبيض على طريق القياس. ولا أيضا إن كان المثلث هو الذى زواياه الثلاث مساوية لقائمتين وقد عرض له أن يكون شكلا ما، وأن يكون أولا فى معنى الشكل أو فى الأول أو فى الابتداء، من قبل أن المبدأ هو الشكل أو الأول الذى هذه حاله، وليس ذلك له بما هو شكل ولا بما هو أول: بل البرهان عليه إنما هو بما هو سلب. وعلى هذا المثال فى الأمور الأخر. فإذاً إن كان التبكيت قياسا ما، فليس يكون التبكيت الذى على جهة العرض. إلا 〈أن〉 من هذا النحو أصحاب الصنائع، وبالجملة، العلماء إنما يبكتهم من لا علم له: لأنهم يقيسون على العلماء من الأمور العرضية، هؤلاء [هم] الذين لا يمكنهم أن يقسموا، إما الذين يجيبون عندما يسألون، أو الذين يظن بهم — وما سلموا — أنهم قد سلموا.

فأما التى تكون من الحمل من جهة أو على الإطلاق فإنما تكون لأن الموجبة والسالبة لا توجد لشىء واحد بعينه. وذلك أن الذى يناقض قولنا: «أنه أبيض من جهة» إنما هو أنه «غير أبيض من جهة»؛ وسالبةً — قولنا «أبيض على الإطلاق»: «ليس بأبيض على الإطلاق». فإن أعطى أنه أبيض من جهة، وأخذ كانه قد قيل على الإطلاق

فإنه لم يبكت، بل يظن ذلك لعدم المعرفة بماهية التبكيت. [لأنه ينقص نقصانا يسيرا]

ويصير عندنا أظهر من جميع الأشياء التى تقدم ذكرها من حد التبكيت الذى منه لقبوا. وذلك أن الشبهة تدخل على القول لما فيه من النقص. وإذا جرت قسمتنا على هذه الجهة كان نقصان القول عاما لجميع هذه الأشياء.

وهذه التى تكون من المأخوذة فى أول الأمر، وعن التى تضع علة ما ليس بعلة فمن الحد يوقف عليها. وذلك أن النتيجة يحب أن تكون عارضة عن هذه؛ وهذا ليس بموجود فيما لا علة له؛ وألا يكون ذلك أيضا عند ما تعد فى جملة الأشياء المأخوذة أولا. وهذا ما لا يوجد لهذه التى إنما تكون عن التى يسأل عنها فى أول الأمر.

فأما التى من اللوازم فهى جزء للتى من العرض، وذلك أن التى من اللوازم عارضة. والفرق بينها وبين التى من العرض أن العرض لنا أن نأخذه أيضا فى شىء واحد فقط (مثال ذلك أن يكون الأحمر والعسل شيئا واحدا بعينه، وكذلك الأبيض وققنس)، فأما اللازم فيحمل أبدا على كثيرين: وذلك أن المحمولات التى تؤخذ لشىء واحد ليس يحملها عليه وحده، فإنا نحمل تلك بأعيانها بعضها على بعض. ولهذا السبب يكون التبكيت عن اللوازم. وليس هو لا محالة صادقا إن كان مما وجوده على جهة العرض، وذلك أن الثلج وققنس هما فى البياض شىء واحد بعينه. وبحسب قول مالسس أيضا الذى أخذ أن المتكون والذى له مبدأ هما شىء واحد بعينه فى أن لهما كونا فلأن الذى يتكون له مبدأ يوجب لما له مبدأ أن يكون متكونا وكأنهما جميعا شىء واحد بعينه فى أن لهما جميعا مبدءا، وكذلك الذى يتكون وما له نهاية. وعلى هذا النحو يجرى الأمر فى المتساوية؛ فإن كانت الأشياء التى عظمها واحد متساوية، فإن التى تكون متساوية عظمها واحد، فيكون إذن قد أخذ اللازم. — فلأن التبكيت الذى من العرض يكون من قبل الجهل بالتبكيت فظاهر أن كذلك أيضا ما يكون عن اللوازم. فلتعمل هذه على جهة أخرى.

فأما التى تكون من تصيير المسائل الكثيرة مسئلة واحدة، فكونها من قبل أن ألفاظ المقدمة تكون غير مستقيمة، وذلك أن المقدمة هى حمل واحد

على واحد. وذلك أن الحد الواحد بعينه إنما يكون لما هو أمر واحد فقط على الإطلاق. ومثال ذلك حد الإنسان وحد إنسان واحد فقط؛ وكذلك فى الأشياء الأخر. فإن كانت إذن المقدمة الواحدة فقط هى التى تجمع شيئا مقولاً على شىء؛ وبالجملة ما جرى هذا المجرى من السؤالات فهو مقدمة، ولأن القياس يكون من المقدمات، والتبكيت قياس، فالتبكيت يكون من المقدمات. فإن كانت المقدمة هى التى يحمل فيها واحد على واحد، فظاهر أن هذا أيضا يكون من قبل عدم المعرفة بالتبكيت: لأنه مظنون كما يظن بما ليس مقدمة أنه مقدمة. فأما إن أجاب كأنه مجيب عن سؤال واحد، فإن التبكيت يكون وإن لم يعط، بل ظن به أنه قد سلم، فإن التبكيت يكون مظنونا. فجميع الأنحاء إذن ترتقى إلى عدم المعرفة بالتبكيت. فالتى تكون عن القول هى الكائنة عن المناقضة المظنونة التى هى خاصة التبكيت؛ وهذه الأخر تكون من حد القياس.