Digital Corpus for Graeco-Arabic Studies

Galen: In Hippocratis Epidemiarum librum I (On Hippocrates' Epidemics I)

وغروب الثريّا يكون في بلدنا من بعد الاستواء الخريفيّ بنحو من خمسين يوماً. وينبغي أن تعلم أنّ الاستوائين والمنقلبين يكون كلّ واحد منهما في وقت واحد في كلّ بلد. فأمّا طلوع الكواكب وغروبها فيختلفان في البلدان المختلفة حتّى يكونا في كلّ واحد من البلدان في غير الوقت الذي يكونان فيه في غيره، وليس يعمّ طلوع الكواكب وغروبها إلّا من كان تحت دائرة واحدة من الدوائر الموازية لمعدّل النهار.

ومن أعظم ما يحتاج إليه ضرورة في هذا الغرض الذي إيّاه قصدنا كلّه أن نعلم طلوع وغروب كلّ واحد من الكواكب أو من جماعة الكواكب في البلدان التي نريد علاج الطبّ فيها، وذلك لأنّ بها يكون تحديد أوقات السنة. ومن ذلك أنّ في البلدان التي تميّز عليها الدائرة الموازية لمعدّل النهار التي تمرّ على البلد الذي يقال له «اللسبنطس» أمّا أوّل الربيع فهو الاستواء الذي يكون فيه؛ وأمّا انقضاؤه فهو طلوع الثريّا، وذلك الوقت بعينه هو ابتداء الصيف؛ وأمّا انقضاء الصيف وابتداء الخريف فهو طلوع السماك الرامح، وطلوعه يكون قبل الاستواء الخريفيّ بنحو من اثني عشر يوماً؛ وأمّا انقضاء الخريف وأوّل الشتاء فهو غروب الثريّا.

وإنّي لأعلم أنّك تستعجب وتبحث عن السبب الذي دعاني إلى ترك ذكر طلوع الكوكب المشهور الذي يطلع في الصيف في كلامي هذا، وهو الكوكب الذي يُعرَف «بالشعرى العبور». وقد يسمّيه قوم «بالكلب» بطريق الاستعارة للاسم المشتمل على جملة الكواكب الذي هو واحد منها. فإنّ الكلب بالحقيقة إنّما هو جماعة تلك الكواكب التي في تلك الصورة، وأمّا الشعرى فهو واحد من تلك الكواكب، موضوع على قلب الكلب. وطلوع هذا الكوكب هو ابتداء جزء من الصيف يُعرَف «بوقت الفاكهة».‌‌