Digital Corpus for Graeco-Arabic Studies

Galen: Ars Medica (The Art of Medicine)

ومن الطبّ صنف آخر يسمّى التقوية، والتغذية ونستعمله فيمن قد برأ من المرض، وفي الشيخ.

وقد بيّنت في كتاب حيلة البرء بياناً تامّاً حال أبدان هؤلاء، ومن أيّ الأسباب يرجعون إلى الحال الطبيعيّة.

وأنا واصف ذلك باختصار في هذا الموضع، فأقول:

إنّ حال أبدان هؤلاء أنّ الدم الذي في أبدانهم دم جيّد، إلّا أنّ مقداره يسير. وكذلك أيضاً حال الروح الحيوانيّ، والنفسانيّ. وأمّا أعضاؤهم الثابتة فيابسة، ولذلك قواهم ضعيفة. ولضعف هذه القوى فإنّ البدن كلّه يكون أبرد.

فأمّا الأسباب التي تصلح هذه الحال، وتجلب لصاحبها الصحّة، فإن أحببت أن أجملها لك فهي: كلّ ما أعان على أن ينال البدن غذاء سريعاً، حريزاً.

وإن أحببت أن أفصّلها لك فهي الحركة المعتدلة، والطعام والشراب المعتدلان، والنوم المعتدل.

وأصناف الحركة: هي الركوب، والمشي، والدلك، والاستحمام.

فإن صلحوا صلاحاً كثيراً بعد استعمال هذه الأشياء، فينبغي أن يلتمسوا التصرّف في يسير ممّا كانت عادتهم التصرّف فيه من الأعمال.

وأمّا الأطعمة: فينبغي أن تكون أوّلاً من الأشياء الرطبة، السريعة الانهضام التي ليست بباردة. فإذا تمادى بهم الزمان، فينبغي أن يكون ممّا غذاؤه أكثر.

وأمّا الأشربة: فأصلحها لهم الشراب المعتدل بين العتيق، والحديث. وإذا نظرت إليه رأيته صافياً، نيّراً. ولونه إمّا أبيض، وإمّا مائل إلى الحمرة. وإذا شممته، وجدته طيّب الرائحة باعتدال. وإذا تطعّمته، وجدته لا ميّت الطعم، ولا قويّة جدّاً، حتّى يكون قد غلبت عليه العفوصة، أو الحرافة، أو المرارة، أو الحلاوة.

وقد وصفت جميع هذه الأشياء، كما قلت قبل، وصفاً أشرح من هذا في كتاب حيلة البرء.

وليس غرضي في هذا الكتاب أن أصف جميع الأشياء الجزئيّة، لكنّي إنّما قصدت في هذا الكتاب إلى أن أذكر جمل ما قد شرحته، وبيّنته في سائر كتبي.

وأنا ذاكر تلك الكتب، ومصنّف واحداً واحداً منها، ثمّ أقطع — بعد وصفي ذلك — كتابي هذا.

وقد قلت قبل إنّي كتبت مقالة وصفت فيها كيف قام الطبّ.

ويتقدّم هذه المقالة مقالتان وصفت فيهما كيف كان قوام جميع الصناعات.

إلّا أنّ هذه المقالات مع هذه المقالة التي هي انقضاؤها غير الكتب التي وضعتها على الشرح، والاتّساع في الكلام.

وأمّا تلك الكتب فهذه مراتبها ونظامها:

وأوّلها كتاب وصفت فيه أمر الأسطقسّات على رأي أبقراط.

وبعده ثلث مقالات وصفت فيها أمر المزاج. ووصفت في الاثنتين الأوليين منها أمر مزاج الحيوان، ووصفت في الثالثة أمر مزاج الأدوية. وذلك صار لا يمكن أحد أن يفهم كتابي في قوى الأدوية المفردة على ما ينبغي إن لم يتقدّم فيقرأ المقالة الثالثة من كتابي في المزاج، ويستقصي فهمها.

وقد جعلت مقالة أخرى صغيرة تتّصل بالمقالتين الأوليين من كتابي في المزاج، وعنوانها: في المزاج الرديء المختلف.

ومثله مقالتان أخريان، أحداهما عنوانها: أفضل هيئات البدن، والأخرى عنوانها: في خصب البدن.

وبعد كتاب المزاج كتاب آخر فيه ثلث مقالات وصفت فيها أمر القوى الطبيعيّة.

وقد يمكن أن تقرأ هذا الكتاب من بعد قراءتك المقالتين الأوليين في المزاج، ومن بعد قراءتك المقالة التي وصفت فيها أمر الأسطقسّات، فتكون قراءتك على نظام متّصل.

ولي من بعد هذا الكتاب كتب كثيرة وصفت فيها أمر الأفعال النفسانيّة.

إلّا أنّه لمّا كان ممّا ينتفع به في البراهين عليها أمر ممّا يظهر في التشريح ليس باليسير، وجب أن يقدم الارتياض في كتب التشريح.

وأبلغ الكتب التي وصفت فيها التشريح: كتاب علاج التشريح.

وبعده كتب أخر كثيرة، منها مقالتان وصفت فيهما أمر ما وقع في التشريح من الاختلاف.

ومنها مقالة وصفت فيها أمر تشريح الحيوان الميّت، ويتّصل بها مقالتان وصفت فيها أمر تشريح الحيوان الحيّ.

ومنها مقالات أخر جعلتها للمتعلّمين في تشريح العظام، والعضل، والعصب، والعروق غير الضوارب والضوارب. ومقالات أخر شبيهة بهذه.

وممّا يدخل في طبقة هذه المقالة مقالة بيّنّا فيها أنّ الدم محتبس في العروق الضوارب بالطبع.

وأمّا الأفعال، فوصفنا أمرها في مقالتين، وصفنا فيهما حركة العضل، وفي ثلث مقالات وصفنا حركة الصدر، والرئة. ويتبع هذه كتاب في علل التنفّس.

وبعد هذه مقالات في الصوت.

وأمّا أمر القوّة التي تسمّى المدبّرة من قوى النفس، وسائر ما يحتاج إليه البحث عنه من أمر الأفعال الطبيعيّة، والنفسانيّة، فبيّنّاه في كتاب فيه مقالات كثيرة جعلها عنوانها: في آراء أبقراط وفلاطن.

ويدخل في هذا الجنس من العلم مقالتان جعلناهما في المنيّ، وكتاب في تشريح أبقراط. ثمّ من بعده الكتب كلّها تتبع كتاب منافع الأعضاء.

وأمّا الكتب التي ينتفع بها في تعرّف الأمراض، فمنها كتاب في تعرّف علل الأمراض الباطنة، ومنها كتاب في النبض وصفنا فيه تقدمة المعرفة التي تكون من النبض.

ويتقدّم كتاب النبض مقالتان: إحداهما في الحاجة إلى التنفّس، والأخرى في الحاجة إلى النبض.

وأمّا كتابنا في النبض فينقسم إلى أربعة أقسام، وصفنا في القسم الأوّل منه أصناف النبض، ووصفنا في الثاني كيف تعرف تلك الأصناف، ووصفنا في القسم الثالث الأسباب الفاعلة لتلك الأصناف. ووصفنا في القسم الرابع تقدمة المعرفة التي تكون من تلك الأصناف.

ويدخل في هذا الجنس مقالة جعلناها للمتعلّمين في النبض.

وإنّي لأهمّ بأن أجعل مقالة أخرى أجمل فيها جميع ما قلته في هذه المقالات التي في النبض، ولعلّي أن أجعل عنوان تلك المقالة إمّا صناعة النبض، وإمّا جمل أمر النبض.

وممّا ينتفع به في هذا العلم مقالات فسّرت فيها ما قال أرشيجانس في النبض، وامتحنته، فبيّنت صوابه من خطائه.

وأمّا الكتب التي ينتفع بها في تقدمة المعرفة فأبلغها كتاب البحران، ويتقدّمه كتاب في أيّام البحران، والكتاب أيضاً الذي جعلته في رداءة النفس. وقد ينتفع به في تعرّف الشيء الحاضر، وفي تقدمة معرفة الشيء الكائن من خير، أو شرّ يحدث للمريض.

فجميع هذه الكتب ومقالات أخر معها مفردة تحتاج إلى أن تقرأ، وتتدبّر.

منها مقالة وصفت فيها أمر العلل البادئة. ومنها مقالة في التجربة الطبّيّة. ومنها مقالة في التدبير الملطّف. ومنها مقالة في فصد العروق عاندت فيها أرسسطراطس. ومنها مقالة في الأورام. ومنها مقالة في كثرة الأخلاط. وغير ذلك ممّا أشبهه. وممّا لا بدّ منه في فهم كتاب حيلة البرء. ومقالة وصفنا فيها الأمراض، ومقالة صنّفنا فيها الأعراض، ومقالة أخرى ثالثة وصفنا فيها علل الأعراض. وثلث مقالات بعد ذلك وصفنا فيها علل الأعراض. وإحدى عشرة مقالة وصفنا فيها أمر قوى الأدوية المفردة — وقد ذكرناها قبل — وسبع عشرة مقالة وصفنا فيها أمر تركيب الأدوية.

ويتلو هذه الكتب كتاب حيلة البرء، وكتاب تدبير الأصحّاء.

وقد بيّنت في مقالة وصفت فيها أفضل الحيل.

إلّا أنّه ينبغي قبل هذه الكتب كلّها أن يرتاض في كتابي الذي وضعته في البرهان من أراد أن يستعمل هذه الصناعة بطريق القياس.

وأمّا سائر الكتب والتفاسير التي وضعتها فليس يضطرّني شيء إلى ذكرها في هذا الموضع، لأنّ من رأيي أن أحصيها كلّها في مقالة واحدة، أو في مقالتين، وأجعل عنوان الكتاب: جالينوس، في ذكر كتبه.