Ibn al-Nadīm: K. al-Fihrist (The Catalogue)

اهل حوحى وما يلى بادرايا وباكسايا وكان احنف الرجل وقيل ان اصل ابيه من همدان انتقل الى بابل وكان ينزل المداين فى الموضع الذى يسمى طيسفون وبها بيت الاصنام وكان فتق يحضر كما يحضر سائر الناس فلما كان فى يوم من الايام هتف به من هيكل بيت الاصنام هاتف يا فتق لا تأكل لحما ولا تشرب خمرا ولا تنكح بشرا تكرر ذلك عليه دفعات فى ثلثة ايام فلما رأى فتق ذلك لحق بقوم كانوا بنواحى دستميسان يعرفون بالمغتسلة وبتيك النواحى والبطائح بقاياهم الى وقتنا هذا وكانوا على المذهب الذى امر فتق بالدخول فيه وكانت امرأته حاملا بمانى فلما ولدته زعموا كانت ترى له المنامات الحسنة وكانت ترى فى اليقظة كأن آخذا يأخذه فيصعد به الى الجو ثم يرده وربما اقام اليوم واليومين ثم يرد ثم ان اباه انفذ فحمله الى الموضع الذى كان فيه فربى معه وعلى ملته وكان يتكلم مانى على صغر سنه بكلام الحكمة فلما تم له اثنتا عشرة سنة اتاه الوحى على قوله من ملك جنان النور وهو الله تعالى عما يقوله وكان الملك الذى جاءه بالوحى يسمى التوم وهو بالنبطية ومعناه القرين فقال له اعتزل هذه الملة فلست من اهلها وعليك بالنزاهة وترك الشهوات ولم يأن لك ان تظهر لحداثة سنك فلما تم له اربع وعشرون سنة اتاه التوم فقال قد حان لك ان تخرج فتنادى بامرك

الكلام الذى قاله له التوم

عليك السلام مانى منى ومن الرب الذى ارسلنى اليك واختارك لرسالته وقد امرك ان تدعو بحقك وتبشر ببشرى الحق من قبله وتحتمل فى ذلك كل جهدك قالت المانوية فخرج يوم ملك سابور بن اردشير ووضع التاج على رأسه وهو يوم الاحد اول يوم من نيسان والشمس فى الحمل ومعه رجلان قد تبعاه على مذهبه احدهما يقال له شمعون والاخر زكوا ومعه ابوه ينظر ما يكون من امره

قال محمد بن اسحق ظهر مانى فى السنة الثانية من ملك الغالوس الرومى وظهر مرقيون قبله بنحو مائة سنة فى ملك ططوس انطونيانوس فى السنة الاولة من ملكه وظهر ابن ديصان بعد مرقيون بنحو ثلثين سنة وانما سمى بن ديصان لانه ولد على نهر يقال له ديصان وزعم مانى انه الفارقليط المبشر به عيسى عليه السلام واستخرج مانى مذهبه من المجوسية والنصرانية وكذلك القلم الذى يكتب به كتب الديانات مستخرج من السريانى والفارسى وجول مانى البلاد قبل ان يلقى سابور نحو اربعين سنة ثم انه دعا فيروز اخا سابور بن اردشير فاوصله فيروز الى اخيه سابور قالت المنانية فدخل اليه وعلى كتفيه مثل السراجين من نور فلما رآه اعظمه وكبر فى عينه وكان قد عزم على الفتك به وقتله فلما لقيه داخلته له هيبة وسر به وسأله عما جاء فيه فوعده انه يعود اليه وسأله مانى عدة حوائج منها ان يعز اصحابه فى البلد وسائر بلاد مملكته وان ينفذوا حيث شآؤا من البلاد فاجابه سابور الى جميع ما سأل وكان مانى دعا الهند والصين واهل خراسان وخلف فى كل ناحية صاحبا له